فصل: فصل: فِيمَا وصل إِلَيْنَا من الْأَحَادِيث:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: البدر المنير في تخريج الأحاديث والآثار الواقعة في الشرح الكبير



.الحديث السَّابِع:

عَن ابْن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما: «أَن رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يرفع يَدَيْهِ حَذْو مَنْكِبَيْه إِذا افْتتح الصَّلَاة».
هَذَا الحَدِيث مُتَّفق عَلَى صِحَّته، أودعهُ الشَّيْخَانِ فِي صَحِيحَيْهِمَا بِاللَّفْظِ الْمَذْكُور وَزَادا: وَإِذا كبر للرُّكُوع وَإِذا رفع رَأسه من الرُّكُوع رفعهما كَذَلِك، وَقَالَ: «سمع الله لمن حَمده رَبنَا وَلَك الْحَمد».
وَفِي رِوَايَة للبيهقي: «فَمَا زَالَت تِلْكَ صلَاته حَتَّى لَقِي الله».
وَفِي رِوَايَة للْبُخَارِيّ: «وَلَا يفعل ذَلِك حِين يسْجد، وَلَا حِين يرفع رَأسه من السُّجُود» وَفِي رِوَايَة لَهُ: «وَإِذا قَامَ من الرَّكْعَتَيْنِ رفع يَدَيْهِ»، وَفِي رِوَايَة لَهُ: «يرفع يَدَيْهِ حِين يكبر» وَفِي رِوَايَة لَهُ: «كبر وَرفع يَدَيْهِ»، وَقد سلفت فِي الحَدِيث الرَّابِع، وَفِي رِوَايَة لمُسلم: «كَانَ إِذا قَامَ إِلَى الصَّلَاة رفع يَدَيْهِ حَتَّى يَكُونَا حَذْو مَنْكِبَيْه» وَفِي رِوَايَة لأبي دَاوُد بِإِسْنَاد حسن: «ثمَّ كبر وهما كَذَلِك».

.الحديث الثَّامِن:

عَن وَائِل بن حجر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه: «أنَّه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم لما كبر رفع يَدَيْهِ حَذْو مَنْكِبَيْه».
هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ الشَّافِعِي، عَن ابْن عُيَيْنَة، عَن عَاصِم بن كُلَيْب، عَن أَبِيه، عَن وَائِل أَنه عَلَيْهِ السَّلَام إِذا افْتتح الصَّلَاة رفع يَدَيْهِ حَذْو مَنْكِبَيْه وَهُوَ مخرج فِي مُسْنده قَالَ الْبَيْهَقِيّ: وَكَذَا رَوَاهُ الْحميدِي، عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة.
قلت: هُوَ فِي مُسْند الْحميدِي بالسند الْمَذْكُور لَكِن بِلَفْظ «إِذا افْتتح الصَّلَاة رفع يَدَيْهِ، وَإِذا ركع وَبَعْدَمَا يرْكَع...» الحَدِيث لم يقل: «حَذْو مَنْكِبَيْه» وَلَا «أُذُنَيْهِ»، نعم هُوَ فِي الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث الْحميدِي وَإِبْرَاهِيم بن بشار الرَّمَادِي، عَن سُفْيَان، عَن عَاصِم بِهِ بِلَفْظ: «رَأَيْت رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا افْتتح الصَّلَاة رفع يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِي أُذُنَيْهِ».
وَرَوَاهُ أَحْمد فِي مُسْنده عَن عبد الْوَاحِد، نَا عَاصِم بن كُلَيْب، عَن أَبِيه، عَن وَائِل بن حجر قَالَ: «اسْتقْبل رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم الْقبْلَة فَكبر وَرفع يَدَيْهِ حَتَّى كَانَتَا حَذْو مَنْكِبَيْه، قَالَ: ثمَّ أَخذ شِمَاله بِيَمِينِهِ قَالَ: فَلَمَّا أَرَادَ أَن يرْكَع رفع يَدَيْهِ حَتَّى كَانَتَا حَذْو مَنْكِبَيْه فَلَمَّا ركع وضع يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ، فَلَمَّا رفع رَأسه من الرُّكُوع رفع يَدَيْهِ حَتَّى كَانَتَا حَذْو مَنْكِبَيْه».
وَرَوَاهُ مُسلم فِي صَحِيحه أَيْضا وَلَفظه: عَن وَائِل بن حجر «أَنه رَأَى رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم رفع يَدَيْهِ حِين دخل فِي الصَّلَاة كبر وصفهما حِيَال أُذُنَيْهِ، ثمَّ التحف بِثَوْبِهِ، ثمَّ وضع يَده الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى، فَلَمَّا أَرَادَ أَن يرْكَع أخرج يَده من الثَّوْب، ثمَّ رفعهما ثمَّ كبر فَرَكَعَ، فَلَمَّا قَالَ: سمع الله لمن حَمده رفع يَدَيْهِ، فَلَمَّا سجد سجد بَين كفيه».
وَرَوَاهُ أَبُو حَاتِم بن حبَان فِي صَحِيحه من طرق عَنهُ فِي بَعْضهَا: «وَكبر وَرفع يَدَيْهِ حَتَّى حاذتا أُذُنَيْهِ وَفِي بَعْضهَا فَرفع يَدَيْهِ حَتَّى رَأَيْت إبهاميه قَرِيبا من أُذُنَيْهِ».

.الحديث التَّاسِع:

رُوِيَ أنَّه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم رفع يَدَيْهِ إِلَى شحمة أُذُنَيْهِ.
هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي سنَنه من حَدِيث عبد الْجَبَّار بن وَائِل، عَن أَبِيه قَالَ: رَأَيْت النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم يرفع إبهاميه فِي الصَّلَاة إِلَى شحمة أُذُنَيْهِ.
وَهُوَ مُنْقَطع، عبد الْجَبَّار لم يسمع من أَبِيه، وَقيل: إِنَّه ولد بعد أَبِيه بِسِتَّة أشهر، وَقد سلف ذَلِك فِي بَاب الْأَذَان.
وَفِي رِوَايَة غَرِيبَة للطبراني فِي أكبر معاجمه من حَدِيث وَائِل أَيْضا رَفعه: إِذا صليت فَاجْعَلْ يَديك حذاء أذنيك، وَالْمَرْأَة تجْعَل يَديهَا حذاء ثدييها.
تَنْبِيه:
قَالَ الرَّافِعِيّ: فِي وَقت رفع الْيَدَيْنِ أوجه، أَحدهَا: أَنه يرفع غير مكبر ثمَّ يَبْتَدِئ التَّكْبِير مَعَ ابْتِدَاء الْإِرْسَال وَيَنْتَهِي مَعَ انتهائه ورُوِيَ ذَلِك عَن أبي حميد السَّاعِدِيّ، عَن رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم.
ثَانِيهَا: أَنه يَبْتَدِئ الرّفْع مَعَ ابْتِدَاء التَّكْبِير، وَيروَى ذَلِك عَن وَائِل بن حجر عَن النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم.
ثَالِثهَا: أَنه يرفع غير مكبر، ثمَّ يكبر ويداه قاربان، ثمَّ يرسلهما فَيكون التَّكْبِير بَين الرّفْع والإرسال، رُوِيَ ذَلِك عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم. هَذَا آخر كَلَامه.
فَأَما حَدِيث أبي حميد فسأذكره بعد- إِن شَاءَ الله- وَأما حَدِيث وَائِل وَابْن عمر، فقد عَرفته آنِفا، وَحَكَى الْبَيْهَقِيّ، عَن الشَّافِعِي أَنه أَخذ بِأَحَادِيث الرّفْع إِلَى الْمَنْكِبَيْنِ قَالَ: لِأَنَّهَا أثبت إِسْنَادًا، وَأكْثر عددا، وَالْعدَد أولَى بِالْحِفْظِ من الْوَاحِد.

.فصل: فِيمَا وصل إِلَيْنَا من الْأَحَادِيث:

الْوَارِدَة فِي الْأَمَاكِن الَّتِي يسْتَحبّ فِيهَا رفع الْيَدَيْنِ فِي الصَّلَاة عَلَى وَجه الِاخْتِصَار.
فَإِنَّهُ قد شغب فِي زَمَاننَا فِي ذَلِك شغب، وأثار فتْنَة فَتعين إِيضَاح ذَلِك، وَالْمَسْأَلَة مُفْردَة بالتصنيف لخلق من الْحفاظ قد ذكر الرَّافِعِيّ حَدِيث ابْن عمر الثَّابِت فِي الصَّحِيحَيْنِ وَقد سلف بِطُولِهِ وبذكر الرّفْع فِي الِافْتِتَاح وَعند الرُّكُوع وَعند الرّفْع.
قَالَ البُخَارِيّ: قَالَ عَلّي بن الْمَدِينِيّ- وَكَانَ أعلم أهل زَمَانه-: حق عَلَى الْمُسلمين أَن يرفعوا أَيْديهم؛ لهَذَا الحَدِيث. وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي خلافياته: رَوَى الْحَاكِم أَبُو عبد الله عَن أبي الْحسن بن عَبدُوس عَن عُثْمَان بن سعيد الدَّارمِيّ، قَالَ: سَمِعت عَلّي بن الْمَدِينِيّ يَقُول فِي حَدِيث سُفْيَان هَذَا عَن الزُّهْرِيّ، عَن سَالم، عَن أَبِيه، عَن النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم. قَالَ سُفْيَان: حفظته عَن الزُّهْرِيّ كَمَا أَنَّك هَا هُنَا. قَالَ عَلّي بن الْمَدِينِيّ: هَذَا الحَدِيث عِنْدِي حجَّة عَلَى الْخلق عَلَى كل من سَمعه فَعَلَيهِ أَن يعْمل بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي إِسْنَاده شَيْء. قَالَ عَلّي بن الْمَدِينِيّ: لم أزل أعمل بِهِ مُنْذُ أَنا صبيّ. قَالَ الدَّارمِيّ: وَبِه نَأْخُذ. قَالَ أَبُو الْحسن: وَبِه نَأْخُذ قَالَ الْحَاكِم: وَبِه نَأْخُذ قَالَ الْبَيْهَقِيّ: وَبِه آخذ وَذكر الرَّافِعِيّ أَيْضا حَدِيث وَائِل بن حجر، وَقد سلف بِطُولِهِ بِذكر الرّفْع فِي المواطن الثَّلَاثَة الْمَذْكُورَة.
وَعَن أبي قلَابَة أَنه رَأَى مَالك بن الْحُوَيْرِث إِذا صَلَّى كبر، ثمَّ رفع يَدَيْهِ؛ فَإِذا أَرَادَ أَن يرْكَع رفع يَدَيْهِ، وَإِذا رفع رَأسه من الرُّكُوع رفع يَدَيْهِ. وَحدث أَن رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يفعل ذَلِك مُتَّفق عَلَى صِحَّته، أودعهُ الشَّيْخَانِ فِي صَحِيحَيْهِمَا وَفِي رِوَايَة لمُسلم أَنه رَأَى مَالك بن الْحُوَيْرِث إِذا صَلَّى كبر ثمَّ رفع يَدَيْهِ بِلَفْظ ثمَّ لَا بِالْوَاو، وَفِي رِوَايَة لَهُ عَن مَالك بن الْحُوَيْرِث «أَن رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا كبر رفع يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِي بهما أُذُنَيْهِ فَإِذا ركع رفع يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِي بهما أُذُنَيْهِ، وَإِذا رفع رَأسه من الرُّكُوع، وَقَالَ: سمع الله لمن حَمده فعل مثل ذَلِك» وَفِي رِوَايَة لَهُ: «حَتَّى يُحَاذِي بهما فروع أُذُنَيْهِ».
وَفِي رِوَايَة لأبي دَاوُد: «رَأَيْت النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم يرفع يَدَيْهِ إِذا كبر وَإِذا ركع، وَإِذا رفع رَأسه من الرُّكُوع حَتَّى يبلغ بهما فروع أُذُنَيْهِ».
«وَفِي رِوَايَة لِابْنِ مَاجَه: كَانَ إِذا كبر رفع يَدَيْهِ حَتَّى يجعلهما قَرِيبا من أُذُنَيْهِ وَإِذا ركع صنع مثل ذَلِك، وَإِذا رفع رَأسه من الرُّكُوع صنع مثل ذَلِك».
وَفِي رِوَايَة للنسائي: «رفع يَدَيْهِ فِي صلَاته وَإِذا ركع، وَإِذا رفع رَأسه من رُكُوعه، وَإِذا سجد، وَإِذا رفع رَأسه من سُجُوده حَتَّى يُحَاذِي بهما فروع أُذُنَيْهِ».
وَعَن عَلّي بن أبي طَالب رَضِيَ اللَّهُ عَنْه عَن رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم: «أَنه كَانَ إِذا قَامَ إِلَى الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة كبر وَرفع يَدَيْهِ حَذْو مَنْكِبَيْه ويصنع مثل ذَلِك إِذا قَضَى قِرَاءَته وَأَرَادَ أَن يرْكَع، ويصنعه إِذا رفع رَأسه من الرُّكُوع، وَلَا يرفع يَدَيْهِ فِي شَيْء من صلَاته وَهُوَ قَاعد، فَإِذا قَامَ من السَّجْدَتَيْنِ رفع يَدَيْهِ كَذَلِك وَكبر».
رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِهَذَا اللَّفْظ وَالْبُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه، قَالَ التِّرْمِذِيّ: حَدِيث حسن صَحِيح ورَوَوْهُ كلهم هُنَا إِلَّا التِّرْمِذِيّ فَرَوَاهُ فِي كتاب الدُّعَاء فِي أَوَاخِر كِتَابه.
قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدَّين فِي الإِمام: وَرَأَيْت فِي علل الْخلال أَن أَحْمد سُئِلَ عَن حَدِيث عَلّي ابْن أبي طَالب فِي الرّفْع فَقَالَ: صَحِيح، وَعَن حَدِيث أبي حميد السَّاعِدِيّ فِي الرّفْع الْآتِي فَقَالَ: صَحِيح.
قَوْله: «فَإِذا قَامَ من السَّجْدَتَيْنِ» يَعْنِي: الرَّكْعَتَيْنِ ويوضحه رِوَايَة البُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ فَإِنَّهُمَا ذكرا فِي روايتهما: «وَإِذا قَامَ من الرَّكْعَتَيْنِ رفع يَدَيْهِ» وَانْفَرَدَ الْخطابِيّ عَن الْعلمَاء أَجْمَعِينَ، فَظن أَن المُرَاد السجدتان المعروفتان ثمَّ اسْتشْكل الحَدِيث، وَقَالَ: لَا أعلم أحدا من الْفُقَهَاء قَالَ بِهِ. وَكَأَنَّهُ لم يقف عَلَى طرق الحَدِيث، وَلَو وقف عَلَيْهَا لحمله عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ كَمَا حمله الْأَئِمَّة.
وَعَن مُحَمَّد بن عَمْرو بن عَطاء أَنه سمع أَبَا حميد فِي عشرَة من أَصْحَاب رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم أحدهم أَبُو قَتَادَة يَقُول: «أَنا أعلمكُم بِصَلَاة رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم. قَالُوا: فَلم؟ فوَاللَّه مَا كنت بأكثرنا لَهُ تبعا وَلَا أقدمنا لَهُ صُحْبَة. قَالَ: بلَى. قَالُوا: فاعرض. فَقَالَ: كَانَ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا قَامَ إِلَى الصَّلَاة اعتدل قَائِما وَرفع يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِي بهما مَنْكِبَيْه وَإِذا أَرَادَ أَن يرْكَع رفع يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِي بهما مَنْكِبَيْه ثمَّ قَالَ: الله أكبر وَركع، ثمَّ اعتدل فَلم يصوب وَلم يقنع، وَوضع يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ ثمَّ قَالَ: سمع الله لمن حَمده. وَرفع يَدَيْهِ فَذكر الحَدِيث إِلَى أَن قَالَ: حَتَّى إِذا قَامَ من السَّجْدَتَيْنِ كبر وَرفع يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِي بهما مَنْكِبَيْه كَمَا صنع حِين افْتتح الصَّلَاة» وَفِي آخِره: «قَالُوا: صدقت، هَكَذَا صَلَّى الله رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم».
رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيّ، وَقَالَ: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح. وللبخاري مِنْهُ: «رَأَيْته إِذا كبر جعل يَدَيْهِ حذاء مَنْكِبَيْه».
قَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي الْمعرفَة: قد قَالَ الشَّافِعِي فِي حَدِيث أبي حميد: وَبِهَذَا نقُول، وَفِيه: رفع الْيَدَيْنِ إِذا قَامَ من الرَّكْعَتَيْنِ. قَالَ: وَمذهب الشَّافِعِي مُتَابعَة السّنة إِذا ثبتَتْ. وَقد قَالَ فِي حَدِيث أبي حميد: وَبِهَذَا أَقُول.
وَعَن أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنْه «أَن النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يرفع يَدَيْهِ إِذا دخل فِي الصَّلَاة وَإِذا ركع».
رَوَاهُ ابْن مَاجَه فِي سنَنه عَن مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا عبد الْوَهَّاب، حَدثنَا حميد، عَن أنس بِهِ، وَهَذَا إِسْنَاد صَحِيح عَلَى شَرط الشَّيْخَيْنِ. قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدَّين فِي الإِمَام: هَؤُلَاءِ المذكورون عَن مُحَمَّد بن بشار إِلَى منتهاه من رجال الصَّحِيح.
وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي خلافياته من جِهَة ابْن خُزَيْمَة، عَن مُحَمَّد بن يَحْيَى بن فياض، عَن عبد الْوَهَّاب بن عبد الْمجِيد الثَّقَفِيّ بِإِسْنَادِهِ، وَفِيه: «أَن رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يرفع يَدَيْهِ إِذا كبر وَإِذا ركع، وَإِذا رفع رَأسه من الرُّكُوع».
وَرَوَاهُ البُخَارِيّ فِي كتاب رفع الْيَدَيْنِ كَمَا سَاقه ابْن مَاجَه، وَعَن جَابر بن عبد الله قَالَ: «رَأَيْت رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي صَلَاة الظّهْر يرفع يَدَيْهِ إِذا كبر وَإِذا ركع وَإِذا رفع رَأسه من الرُّكُوع».
رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي خلافياته ثمَّ قَالَ: قَالَ الْحَاكِم: هَذَا حَدِيث لم نَكْتُبهُ من حَدِيث سُفْيَان الثَّوْريّ عَن أبي الزبير إِلَّا عَن شَيخنَا أبي الْعَبَّاس مُحَمَّد بن أَحْمد بن مَحْبُوب التَّاجِر وَهُوَ ثِقَة مَأْمُون، وَإِنَّمَا نعرفه من حَدِيث إِبْرَاهِيم بن طهْمَان، عَن أبي الزبير.
قلت: وَمن هَذَا الْوَجْه أخرجه ابْن مَاجَه قَالَ فِي سنَنه: نَا مُحَمَّد بن يَحْيَى، ثَنَا أَبُو حُذَيْفَة، ثَنَا إِبْرَاهِيم بن طهْمَان، عَن أبي الزبير «أَن جَابر بن عبد الله كَانَ إِذا افْتتح الصَّلَاة رفع يَدَيْهِ وَإِذا ركع وَإِذا رفع رَأسه من الرُّكُوع فعل مثل ذَلِك وَيَقُول: رَأَيْت رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم فعل مثل ذَلِك، وَرفع إِبْرَاهِيم بن طهْمَان يَدَيْهِ إِلَى أُذُنَيْهِ».
قَالَ الْبَيْهَقِيّ: هَكَذَا رَوَاهُ أَبُو حُذَيْفَة مُوسَى بن مَسْعُود النَّهْدِيّ، عَن إِبْرَاهِيم بن طهْمَان، وَتَابعه زِيَاد بن سوقة. قَالَ: وَهَذَا حَدِيث صَحِيح رُوَاته عَن آخِرهم ثِقَات.
وَعَن أبي بكر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه: «أَنه كَانَ يرفع يَدَيْهِ إِذا افْتتح الصَّلَاة وَإِذا ركع وَإِذا رفع رَأسه من الرُّكُوع. وَقَالَ: صليت خلف رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم فَكَانَ يرفع يَدَيْهِ إِذا افْتتح الصَّلَاة وَإِذا ركع، وَإِذا رفع رَأسه من الرُّكُوع».
رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي خلافياته وسنَنه وَقَالَ فِي سنَنه: رُوَاته ثِقَات.
وَعَن ابْن عمر، عَن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما قَالَ: «رَأَيْت النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم يرفع يَدَيْهِ إِذا كبر وَإِذا ركع، وَإِذا رفع رَأسه من الرُّكُوع».
ورَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه وَقَبله الدَّارَقُطْنِيّ فِي غرائب حَدِيث مَالك.
قَالَ الْحَاكِم أَبُو عبد الله: الحديثان كِلَاهُمَا محفوظان- يَعْنِي: حَدِيث ابْن عمر، عَن عمر، عَن النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم وَحَدِيث ابْن عمر عَن النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِن ابْن عمر رَأَى النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم فعله، وَرَأَى أَبَاهُ فعله.
وَرَوَاهُ عَن النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم وَصوب أَحْمد- فِيمَا حَكَاهُ الْخلال فِي علله- حَدِيث ابْن عمر.
وَعَن أبي هُرَيْرَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْه أَنه قَالَ: «كَانَ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا كبر للصَّلَاة جعل يَدَيْهِ حذاء مَنْكِبَيْه، وَإِذا ركع فعل مثل ذَلِك، وَإِذا رفع للسُّجُود فعل مثل ذَلِك، وَإِذا قَامَ من الرَّكْعَتَيْنِ فعل مثل ذَلِك».
رَوَاهُ أَبُو دَاوُد عَن عبد الْملك بن شُعَيْب بن اللَّيْث، حَدثنِي أبي، عَن جدي، عَن يَحْيَى ابْن أَيُّوب، عَن عبد الْملك بن عبد الْعَزِيز بن جريج، عَن ابْن شهَاب، عَن أبي بكر بن الْحَارِث ابْن هِشَام، عَن أبي هُرَيْرَة بِهِ.
قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدَّين فِي الإِمام: هَؤُلَاءِ كلهم رجال الصَّحِيح، فَإِن يَحْيَى بن أَيُّوب احْتج بِهِ مُسلم فِي مَوَاضِع من كِتَابه، وَقد تَابع يَحْيَى عُثْمَان بن الحكم الجذامي قلت: حَكَى ابْن الْعَرَبِيّ فِي رجال م، خَ تَشْدِيد الذَّال، وَهُوَ غَرِيب عَن ابْن جريج عَلَى مَا ذكر فِي كتاب الْعِلَل عَن الدَّارَقُطْنِيّ، وَفِيه: «إِذا قَامَ من الرَّكْعَة الثَّانِيَة بعد التَّشَهُّد» وَذكر الدَّارَقُطْنِيّ فِي علله أَن عَمْرو بن عَلّي رَوَى عَن ابْن أبي عدي، عَن مُحَمَّد بن عَمْرو، عَن أبي سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة «أَنه كَانَ يرفع يَدَيْهِ فِي كل خفض وَرفع وَيَقُول: أَنا أشبهكم صَلَاة برَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم» قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: ولم يُتَابع عَمْرو بن عَلّي عَلَى ذَلِك، وَغَيره يرويهِ «أَن النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يكبر فِي كل خفض وَرفع» وَهُوَ الصَّحِيح.
وَرَوَاهُ ابْن مَاجَه فِي سنَنه عَن عُثْمَان بن أبي شيبَة وَهِشَام بن عمار قَالَا: ثَنَا إِسْمَاعِيل ابْن عَيَّاش، عَن صَالح بن كيسَان، عَن عبد الرَّحْمَن الْأَعْرَج، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: «رَأَيْت رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم يرفع يَدَيْهِ فِي الصَّلَاة حَذْو مَنْكِبَيْه حِين يفْتَتح الصَّلَاة وحِين يرْكَع وَحين يسْجد».
وَرَوَاهُ أَبُو حَاتِم بن حبَان فِي صَحِيحه من حَدِيث ابْن أبي ذِئْب، عَن سعيد بن سمْعَان قَالَ: «دخل علينا أَبُو هُرَيْرَة فِي الْمَسْجِد فَقَالَ: ثَلَاث كَانَ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم يعْمل بِهن تركهن النَّاس: كَانَ إِذا قَامَ إِلَى الصَّلَاة رفع يَدَيْهِ مَدًّا، وَكَانَ يقف قبل الْقِرَاءَة هنيَّة يسْأَل الله من فَضله، وَكَانَ يكبر فِي الصَّلَاة كلما ركع وَسجد».
وَعَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قَالَ: «هَل أريكم صَلَاة رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم فَكبر وَرفع يَدَيْهِ، ثمَّ كبر وَرفع يَدَيْهِ للرُّكُوع، ثمَّ قَالَ: سمع الله لمن حَمده. وَرفع يَدَيْهِ، ثمَّ قَالَ: هَكَذَا فَاصْنَعُوا. وَلَا يرفع بَين السَّجْدَتَيْنِ».
رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ فِي سنَنه من حَدِيث حَمَّاد بن سَلمَة، عَن الْأَزْرَق بن قيس، عَن حطَّان بن عبد الله، عَن أبي مُوسَى بِهِ، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ مَوْقُوفا عَلَيْهِ، وَلَا يقْدَح فِي رَفعه؛ لما أسلفناه مرَارًا أَن مَعهَا زِيَادَة علم.
وَعَن عبد الله بن الزبير «أَنه صَلَّى بهم يُشِير بكفيه حِين يقوم وَحين يرْكَع وَحين يسْجد وَحين ينْهض».
قَالَ مَيْمُون: فَانْطَلَقت إِلَى ابْن عَبَّاس فَقَالَ: «إِن أَحْبَبْت أَن تنظر إِلَى صَلَاة رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم فاقتدوا بِصَلَاة ابْن الزبير». رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.
وَعَن عُمَيْر اللَّيْثِيّ قَالَ: «كَانَ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم يرفع يَدَيْهِ مَعَ كل تَكْبِيرَة فِي الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة».
رَوَاهُ ابْن مَاجَه.
وَعَن الْبَراء قَالَ: «رَأَيْت رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا افْتتح الصَّلَاة رفع يَدَيْهِ، وَإِذا أَرَادَ أَن يرْكَع وَإِذا رفع رَأسه من الرُّكُوع».
رَوَاهُ الْحَاكِم، ثمَّ الْبَيْهَقِيّ.
وَعَن النَّضر بن كثير قَالَ: «صَلَّى إِلَى جَنْبي ابْن طَاوس، فَكَانَ إِذا سجد السَّجْدَة الأولَى فَرفع رَأسه مِنْهَا رفع يَدَيْهِ تِلْقَاء وَجهه، فَقَالَ ابْن طَاوس: رَأَيْت أبي يصنعه، وَقَالَ أبي: رَأَيْت ابْن عَبَّاس يصنعه، وَلَا أعلم إِلَّا أَنه قَالَ: كَانَ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم يصنعه».
رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ.
وَعَن حميد بن هِلَال قَالَ: حَدثنِي من سمع الْأَعرَابِي يَقُول: «رَأَيْت رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي يرفع».
رَوَاهُ أَبُو نعيم الْفضل بن دُكَيْن.
وَعَن قَتَادَة «أَنه عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ يرفع يَدَيْهِ إِذا ركع وَإِذا رفع».
وَعَن الْحسن: «أَنه عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ إِذا أَرَادَ أَن يكبر رفع يَدَيْهِ لَا يُجَاوز أُذُنَيْهِ، وَإِذا رفع رَأسه من الرُّكُوع رفع يَدَيْهِ لَا يُجَاوز أُذُنَيْهِ».
وَعَن سُلَيْمَان بن يسَار «أَنه عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ يرفع يَدَيْهِ فِي الصَّلَاة».
هَذِه الثَّلَاثَة مَرَاسِيل: الأول فِي جَامع عبد الرَّزَّاق وَالثَّانِي فِي كتاب الصَّلَاة لأبي نعيم، وَالثَّالِث فِي الْمُوَطَّأ.
هَذَا مَا حَضَرنَا من الْأَحَادِيث الْوَارِدَة فِي الرّفْع، قَالَ الإِمَام الشَّافِعِي فِي كتاب اخْتِلَاف الحَدِيث: رَوَى الرّفْع جمع من الصَّحَابَة، لَعَلَّه لم يرو قطّ حَدِيث بِعَدَد أَكثر مِنْهُم: أحد عشر من الصَّحَابَة، وَأَبُو حميد رَوَاهُ وثَلَاثَة عشر رجلا. وَقَالَ ابْن الْمُنْذر: لم يخْتَلف أهل الْعلم أَن رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يرفع يَدَيْهِ إِذا افْتتح الصَّلَاة. وَقَالَ ابْن عبد الْبر فِي تمهيده: رَوَى رفع الْيَدَيْنِ عَن رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم ثَلَاثَة عشر رجلا من الصَّحَابَة. وَقَالَ الْحَافِظ أَبُو طَاهِر السلَفِي فِي بعض أَمَالِيهِ: رَوَى رفع الْيَدَيْنِ فِي الصَّلَاة سَبْعَة عشر رجلا من الصَّحَابَة عَن رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم مِنْهُم عَلّي بن أبي طَالب، وَأَبُو الدَّرْدَاء، وَأَبُو سعيد الْخُدْرِيّ، وَأَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيّ، والعبادلة: ابْن عمر، وَابْن عَبَّاس، وَابْن عَمْرو، وَابْن الزبير، وَأَبُو هُرَيْرَة، وَأنس. وَقَالَ القَاضِي أَبُو الطّيب: قَالَ أَبُو عَلّي: رَوَى الرّفْع عَن النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم نَيف وَثَلَاثُونَ من الصَّحَابَة. وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ: قَالَ البُخَارِيّ: قد روينَا عَن سَبْعَة عشر نفسا من أَصْحَاب رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنهم كَانُوا يرفعون أَيْديهم عِنْد الرُّكُوع فَمنهمْ أَبُو قَتَادَة الْأنْصَارِيّ، وَأَبُو أسيد السَّاعِدِيّ البدري، وَمُحَمّد بن مسلمة البدري، وَسَهل بن سعد، وَعبد الله بن عمر، وَعبد الله بن عَبَّاس، وَأنس، وَأَبُو هُرَيْرَة، وَعبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ، وَعبد الله بن الزبير، وَوَائِل بن حجر، وَمَالك بن الْحُوَيْرِث، وَأَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيّ، وَأَبُو حميد السَّاعِدِيّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهم أَجْمَعِينَ.
وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ: قد رَوَيْنَاهُ عَن هَؤُلَاءِ وَعَن الصّديق، وَعمر بن الْخطاب، وَعلي، وَجَابِر بن عبد الله الْأنْصَارِيّ، وَعقبَة بن عَامر الْجُهَنِيّ، وَعبد الله بن جَابر البياضي، وَقَالَ فِي خلافياته: رُوِيَ الرّفْع عِنْد الِافْتِتَاح وَالرُّكُوع وَالرَّفْع مِنْهُ مَرْفُوعا عَن أبي بكر، وَعمر، وَعلي، وَأنس، وَجَابِر بن عبد الله، وَأبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ، وَأبي هُرَيْرَة، قَالَ: وَقد روينَا رفع الْيَدَيْنِ عِنْد الرُّكُوع وَالرَّفْع مِنْهُ عَن الصّديق، وَعمر، وَعلي، وَابْن عمر، وَمَالك بن الْحُوَيْرِث، وَوَائِل بن حجر، وَأبي حميد السَّاعِدِيّ، فِي عشرَة من الصَّحَابَة مِنْهُم أَبُو قَتَادَة، وَأَبُو هُرَيْرَة، وَمُحَمّد بن مسلمة، وَأَبُو أسيد، وَسَهل بن سعد، وَعَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ، وَأنس، وَجَابِر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهم عَن النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم بأسانيد صَحِيحَة مُحْتَج بهَا.
قَالَ: وَسمعت الْحَاكِم أَبَا عبد الله يَقُول: لَا يعلم سنة اتّفق عَلَى رِوَايَتهَا عَن رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم الْخُلَفَاء الْأَرْبَعَة ثمَّ بَاقِي الْعشْرَة الَّذين شهد لَهُم رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْجنَّةِ فَمن بعدهمْ من أكَابِر الصَّحَابَة عَلَى تفرقهم فِي الْبِلَاد الشاسعة غير هَذِه السّنة.
قلت: قد شاركها فِي ذَلِك سنة الْمسْح عَلَى الْخُفَّيْنِ- كَمَا أسلفت لَك فِي بَابه- وَكَذَا حَدِيث: «من كذب عَلّي مُتَعَمدا فَليَتَبَوَّأ مَقْعَده من النَّار» ثمَّ قَالَ الْبَيْهَقِيّ: وَهُوَ كَمَا قَالَ أستاذنا أَبُو عبد الله: فقد رَوَى هَذِه السّنة عَن أبي بكر- ثمَّ عدد بَاقِي الْعشْرَة- ومعاذ بن جبل، وَمَالك بن الْحُوَيْرِث، وَزيد بن ثَابت، وَأبي بن كَعْب، وَعبد الله بن مَسْعُود، وَأبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ، وَعبد الله بن عَبَّاس، وَابْن عمر، وَالْحسن بن عَلّي بن أبي طَالب، والبراء بن عَازِب، وَزِيَاد بن الْحَارِث الصدائي، وَسَهل بن سعد السَّاعِدِيّ، وَأبي سعيد، وَأبي قَتَادَة، وسلمان الْفَارِسِي، وَعبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ، وَعقبَة بن عَامر وَبُرَيْدَة بن الْحصيب الْأَسْلَمِيّ وَأبي هُرَيْرَة، وعمار بن يَاسر وَأبي أُمَامَة صدي بن عجلَان الْبَاهِلِيّ وَعُمَيْر بن قَتَادَة اللَّيْثِيّ وَأبي مَسْعُود عقبَة بن عَمْرو الْأنْصَارِيّ، وَعَائِشَة بنت الصّديق، وأعرابي آخر صَحَابِيّ، كلهم عَن رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم وَذكره ابْن مَنْدَه فِي مستخرجه وَابْن الْجَوْزِيّ من رِوَايَة عمرَان بن حُصَيْن، وَفِي تَارِيخ ابْن عَسَاكِر عَن سَلمَة الْأَعْرَج قَالَ: «أدْركْت ألفا من الصَّحَابَة كلهم يرفع يَدَيْهِ عِنْد كل خفض وَرفع» وَنقل البُخَارِيّ عَن الْحسن وَحميد بن هِلَال «كَانَ أَصْحَاب رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم يرفعون أَيْديهم» وَلم يسْتَثْن أحدا مِنْهُم.
قَالَ البُخَارِيّ: وَلم يثبت عَن أحد من أَصْحَاب النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه لم يرفع يَدَيْهِ. قَالَ: وَيروَى عَن عدَّة من أهل مَكَّة وَأهل الْحجاز وَأهل الْعرَاق وَالشَّام وَالْبَصْرَة وَأهل الْيمن أَنهم كَانُوا يرفعون أَيْديهم عِنْد الرُّكُوع وَالرَّفْع مِنْهُ مِنْهُم سعيد بن جُبَير، وَعَطَاء بن أبي رَبَاح، وَمُجاهد، وَالقَاسِم بن مُحَمَّد، وَسَالم بن عبد الله بن عمر بن الْخطاب، وَعمر بن عبد الْعَزِيز، والنعمان بن أبي عَيَّاش، وَالْحسن وابْن سِيرِين، وَطَاوُس، وَمَكْحُول، وَعبد الله بن دِينَار وَنَافِع وَعبيد الله بن عمر، وَالْحسن بن مُسلم، وَقيس بن سعد، وَغَيرهم عدَّة كَثِيرَة. وَكَذَلِكَ يرْوَى عَن أم الدَّرْدَاء «أَنَّهَا كَانَت ترفع يَديهَا» وَكَانَ ابْن الْمُبَارك يرفع يَدَيْهِ، وَكَذَلِكَ عَامَّة أَصْحَابه ومحدثي أهل بُخَارَى مِنْهُم عِيسَى بن مُوسَى، وَكَعب بن سعيد، وَمُحَمّد بن سَلام، وَعبد الله بن مُحَمَّد المسندي وعدة مِمَّن لَا تحصى لَا اخْتِلَاف بَين من وَصفنَا من أهل الْعلم، وَكَانَ عبد الله بن الزبير يَعْنِي: الْحميدِي
شَيْخه وَعلي بن الْمَدِينِيّ وَيَحْيَى بن معِين وَأحمد بن حَنْبَل وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم يثبتون عَامَّة هَذِه الْأَخْبَار عَن رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم ويرونها حقًّا، وَهَؤُلَاء أهل الْعلم من أهل زمانهم.
هَذَا آخر مَا نَقله البُخَارِيّ- رَحِمَهُ اللَّهُ- وَقَالَ ابْن الْجَوْزِيّ: رَوَى أَحَادِيث رفع الْيَدَيْنِ فِي المواطن الثَّلَاثَة نَحْو من ثَلَاثِينَ صحابيًّا فسردهم وَقد أسلفناهم بِزِيَادَة. ثمَّ قَالَ: وَبِه يَقُول أَكثر أهل الْعلم من الصَّحَابَة، مِنْهُم أَبُو بكر، وَعمر، وَابْنه، وَابْن عَبَّاس، وَأَبُو سعيد، وَجَابِر، وَأَبُو هُرَيْرَة، وَأنس، وَابْن الزبير، وَغَيرهم. وَإِلَيْهِ ذهب من التَّابِعين الْحسن، وَابْن سِيرِين، وَعَطَاء، وَطَاوُس، وَمُجاهد، وَالقَاسِم بن مُحَمَّد، وَسَالم بن عبد الله وابْن جُبَير، وَنَافِع، وَقَتَادَة، وَمَكْحُول، وَغَيرهم قَالَ: وَهُوَ قَول جُمْهُور الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ، وَلَيْسَ للمخالفين فِيهَا حَدِيث صَحِيح، وبِهِ قَالَ الْأَوْزَاعِيّ، وَابْن الْمُبَارك، وَالشَّافِعِيّ، وَأحمد، وَإِسْحَاق.
وَرَوَى الإِمَام أَحْمد بِإِسْنَادِهِ عَن نَافِع قَالَ: «كَانَ ابْن عمر إِذا رَأَى مُصَليا لَا يرفع يَدَيْهِ فِي الصَّلَاة حصبه».
وَرَوَاهُ البُخَارِيّ أَيْضا فِي كتاب رفع الْيَدَيْنِ بِإِسْنَاد صَحِيح عَن نَافِع، عَن ابْن عمر «أَنه كَانَ إِذا رَأَى رجلا لَا يرفع يَدَيْهِ إِذا ركع وَإِذا رفع رَمَاه بالحصى».
قَالَ عبد الله بن أَحْمد: وَسمعت أبي يَقُول: يرْوَى عَن عقبَة بن عَامر «أَنه قَالَ فِي: من رفع يَدَيْهِ فِي الصَّلَاة لَهُ بِكُل إِشَارَة عشر حَسَنَات».
وَقَالَ مُحَمَّد بن سِيرِين: «من تَمام الصَّلَاة رفع الْأَيْدِي فِيهَا».
وَرَوَى ابْن عبد الْبر بِسَنَدِهِ إِلَى عمر بن عبد الْعَزِيز قَالَ: «إِن كُنَّا لنؤدب عَلَيْهَا بِالْمَدِينَةِ- يَعْنِي: إِذا لم يرفعوا أَيْديهم فِي الصَّلَاة».
وَرَوَى الْأَثْرَم بِسَنَدِهِ عَن الْحسن وَمُحَمّد أَنَّهُمَا كَانَا يرفعان أَيْدِيهِمَا إِذا كبرا وَإِذا رفعا، قَالَ مُحَمَّد: هُوَ من تَمام الصَّلَاة.
وَرَوَى البُخَارِيّ، وَالْبَيْهَقِيّ عَن الْحسن قَالَ: كَانَ أَصْحَاب رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم كَأَنَّمَا أَيْديهم المراوح يرفعونها إِذا ركعوا وَإِذا رفعوا رُءُوسهم.
ورَوَى الْبَيْهَقِيّ عَن سعيد بن جُبَير «أَنه سُئِلَ عَن رفع الْيَدَيْنِ فِي الصَّلَاة فَقَالَ: هُوَ شَيْء يزين بِهِ الرجل صلَاته، كَانَ أَصْحَاب رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم يرفعون أَيْديهم فِي الِافْتِتَاح وَعند الرُّكُوع وَإِذا رفعوا رُءُوسهم».
وَرَوَى البُخَارِيّ عَنهُ نَحوه.
وَرَوَى الْأَثْرَم، عَن النُّعْمَان بن أبي عَيَّاش قَالَ: «كَانَ يُقَال: إِن لكل شَيْء زِينَة، وزينة الصَّلَاة رفع الْأَيْدِي عِنْد استفتاح الصَّلَاة، وَحين يُرِيد أَن يرْكَع، وَحين يُرِيد أَن يرفع يَدَيْهِ».
وَقَالَ عبد الرَّزَّاق: أَخذ أهل مَكَّة رفع الْيَدَيْنِ فِي الِافْتِتَاح وَالرُّكُوع وَالرَّفْع مِنْهُ عَن ابْن جريج وَأَخذه عَن عَطاء، وَأَخذه عَطاء عَن ابْن الزبير، وَأَخذه ابْن الزبير عَن أبي بكر، وَأَخذه أَبُو بكر عَن رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم.